بيان من مكتب توثيق الشهداء في درعا

في عام 2011، انطلقت مسيرة مكتب توثيق الشهداء في درعا استجابةً للمسؤولية الأخلاقية في توثيق تضحيات الشهداء ورصد انتهاكات النظام في محافظة درعا. كانت الرؤية حينها أن هذه المهمة لن تدوم سوى بضعة أشهر، لكنها امتدت على مدار أربعة عشر عامًا، التزم خلالها المكتب بتوثيق الأحداث يومًا بيوم، إيمانًا بضرورة حفظ التاريخ وصون حقوق الشهداء.


اليوم، ومع وصولنا إلى هذه المرحلة في تاريخ سوريا، يعلن مكتب توثيق الشهداء في درعا لأهلنا في سوريا عامةً، ولأبناء محافظة درعا خاصةً، عن انتهاء مهمته الأساسية، والبدء بخطوات تسليم الأمانة التي حملناها طوال هذه السنوات. وفي هذا السياق، نود توضيح النقاط التالية:


خلال أربعة عشر عامًا من الثورة السورية، وثّق المكتب استشهاد 20,429 شهيدًا من المدنيين ومقاتلي الثورة وضحايا التعذيب من أبناء محافظة درعا والمقيمين فيها، ضمن عدة قواعد بيانات بتفاصيل وتنسيقات مختلفة توضح طبيعة الحوادث ومكانها وزمانها والأطراف المسؤولة عنها. كما يعمل قسم المعتقلين وشهداء السجون على استكمال قاعدة البيانات الخاصة بالمفقودين الذين لم يُعرف مصيرهم في سجون النظام، وذلك حتى تاريخ تحرير سوريا في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 لنصل إلى قاعدة البيانات النهائية التي توثق كافة شهداء الثورة السورية في محافظة درعا.


خلال الأشهر القادمة، سيستكمل المكتب تنظيم قواعد بياناته لتُعلن رسميًا وتُتاح لجميع السوريين، وبخاصة أبناء درعا، ليكون ذلك بمثابة ختام مهمته التي استمرت أربعة عشر عامًا في حفظ تاريخ الشهداء وصون حقوقهم وأمانتهم.


نعجز عن إيجاد كلمات تفي حق دماء الشهداء، أو تعبر عن شكرنا العميق لذويهم، ولكل الناشطين الذين ساهموا في إنجاز هذه المهمة. لقد حملنا هذه الأمانة تطوعًا، ونسلمها اليوم لكم، راجين أن نكون قد أديناها بصدق وإخلاص، بفضل الله ثم بجهود كل من بذل وضحى في سبيلها.


مع اختتام هذه المسيرة، نؤكد أن تضحيات الشهداء ستبقى نبراسًا ينير درب الحرية، وأن دماءهم الطاهرة أمانة في أعناق الأجيال القادمة. إن إنهاء عمل المكتب لا يعني انتهاء الذاكرة، بل هو دعوة لكل السوريين للحفاظ على هذا الإرث وتوثيقه بكل الوسائل الممكنة. نعلن اليوم عن انتهاء المهمة الأساسية، لكن الحقيقة التي عملنا على حفظها ستبقى حاضرة، وسيظل التاريخ شاهدًا على من ضحى في سبيل الكرامة والعدالة. نرجو أن تكون جهودنا قد ساهمت في حفظ جزء من حق الشهداء، ونأمل أن يأتي اليوم الذي تتحقق فيه العدالة وينال كل صاحب حقٍ حقه.


رحم الله شهداءنا الأبرار، وألهم أهلهم الصبر والسلوان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

Back To Top